Telegram Group & Telegram Channel
والأدلة على شمول العبادة للحياة كلها وأنها ليست مقتصرة على أداء الشعائر، عديدة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ.
من ذلك أن الله تعالى لما ذكر الصيام المؤقت عن المباحات في قوله تعالى:
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ
وبعد أن ذكر أحكام الصيام، انتقل بعد ذلك مباشرة إلى أحكام الحياة العامة، فقال تعالى:
وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ

وفي آية أخرى قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
وقوله في السلم، أي : في الإسلام، قال امرؤ القيس بن عابس:
فلست مبدلا بالله ربا...ولا مستبدلا بالسلم ديناً
وقال الشاعر الكندي:
دعوت عشيرتي للسلم لما....رأيتهم تولوا معرضينا.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:
يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين به المصدقين برسوله، أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره، ولا يدعوا منها شيئاً.
ثم قال تعالى بعد هذه الآية:
فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قال ابن كثير:
أي إن عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحجج، فاعلموا أن الله عزيز أي في انتقامه، لا يفوته هارب ولا يغلبه غالب، حكيم في أحكامه ونقضه وإبرامه ولهذا قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس: عزيز في نقمته، حكيم في أمره.

ومن الأحاديث النبوية التي تُبيِّن أن أداء الشعائر وحدها لا يكفي، وليست هي العبادة الشاملة، وأنه لا بد من التزام المنهج الرباني في الأخلاق والسلوك، ما رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد من حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قيل للنبي ﷺ: يا رسول الله، إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتتصدق، لكن تؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله ﷺ: لا خير فيها، هي من أهل النار.
ويدل على ذلك حديث آخر رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ﷺ قال:
* أتدرون من المفلس؟، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال عليه الصلاة والسلام: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة(يعني أتى بالشعائر)، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم، فطُرحت عليه، ثم طرح في النار*
هذا الرجل فهم أن العبادة هي في أداء هذه الشعائر فقط، وتفلَّت بعد ذلك من بقية أحكام الإسلام،
وهذه الشعائر أصلا هي لتقوية المرء على التمسك بمنهج الله تعالى، ولإعانته على الالتزام الدائم بشرع الله تعالى، فالصيام: لعلكم تتقون، والصلاة: تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذه الشعائر روافد للمسلم لمزيد من التمسك بالعبادة بمعناها الشامل، وإلا فإنها لا تنفع صاحبها على الإطلاق.

هذا المفهوم الصحيح للعبادة أشار إليه سيدنا عمر الفاروق رضي الله تعالى عنه حين قال: لا تغرنكم صلاة امرئ ولا صيامه، ولكن أنظروا من إذا حدث صدق، وإذا اؤتمن أدى، وإذا أشفى ورع ، أي إذا أشرف على الدنيا وأقبلت عليه تورَّع عما لا يحل له منها، أو إذا هم بالمعصية تورع فلم يقع بها

وروى الإمام مالك في الموطأ أن رجلاً من جهينة يقال له: الأسيفع كان يسبق الحجاج، فيشتري الرواحل، فيغلي بها الثمن، ثم يسرع السير، فيسبق الحجاج، فأفلس، فرُفِعَ أمره إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فقال: أما بعد، أيها الناس، فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحجاج، فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بين الغرماء، ثم قال: *لا تغرنكم طنطنة الرجل بالليل يعني: صلاته في الليل، فإن الرجل كل الرجل، من أدى الأمانة إلى من ائتمنه، ومن سلم المسلمون من لسانه ويده.

وكلنا يعلم قصة من جاء يزكي رجلاً أتاه ليشهد على قضية، فقال له عمر: ائت بمن يعرفك، فجاء برجل، فقال له: هل تزكيه هل عرفته، قال: نعم، فقال عمر: وكيف عرفته؟، هل جاورته المجاورة التي تعرف بها مدخله ومخرجه؟، قال: لا، قال عمر: هل عاملته بالدينار والدرهم اللذين تعرف بها أمانة الرجال؟، قال: لا، قال: هل سافرت معه السفر الذي يكشف عن أخلاق الرجال؟ قال: لا، قال عمر: فلعلك رأيته في المسجد راكعاً ساجداً فجئت تزكيه؟؟، قال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال عمر: اذهب فأنت لا تعرفه، ويا رجل، ائتني برجل يعرفك، فهذا لا يعرفك.



tg-me.com/NaeemEreksosi/920
Create:
Last Update:

والأدلة على شمول العبادة للحياة كلها وأنها ليست مقتصرة على أداء الشعائر، عديدة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ.
من ذلك أن الله تعالى لما ذكر الصيام المؤقت عن المباحات في قوله تعالى:
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ
وبعد أن ذكر أحكام الصيام، انتقل بعد ذلك مباشرة إلى أحكام الحياة العامة، فقال تعالى:
وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ

وفي آية أخرى قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
وقوله في السلم، أي : في الإسلام، قال امرؤ القيس بن عابس:
فلست مبدلا بالله ربا...ولا مستبدلا بالسلم ديناً
وقال الشاعر الكندي:
دعوت عشيرتي للسلم لما....رأيتهم تولوا معرضينا.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:
يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين به المصدقين برسوله، أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره، ولا يدعوا منها شيئاً.
ثم قال تعالى بعد هذه الآية:
فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قال ابن كثير:
أي إن عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحجج، فاعلموا أن الله عزيز أي في انتقامه، لا يفوته هارب ولا يغلبه غالب، حكيم في أحكامه ونقضه وإبرامه ولهذا قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس: عزيز في نقمته، حكيم في أمره.

ومن الأحاديث النبوية التي تُبيِّن أن أداء الشعائر وحدها لا يكفي، وليست هي العبادة الشاملة، وأنه لا بد من التزام المنهج الرباني في الأخلاق والسلوك، ما رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد من حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قيل للنبي ﷺ: يا رسول الله، إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتتصدق، لكن تؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله ﷺ: لا خير فيها، هي من أهل النار.
ويدل على ذلك حديث آخر رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ﷺ قال:
* أتدرون من المفلس؟، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال عليه الصلاة والسلام: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة(يعني أتى بالشعائر)، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم، فطُرحت عليه، ثم طرح في النار*
هذا الرجل فهم أن العبادة هي في أداء هذه الشعائر فقط، وتفلَّت بعد ذلك من بقية أحكام الإسلام،
وهذه الشعائر أصلا هي لتقوية المرء على التمسك بمنهج الله تعالى، ولإعانته على الالتزام الدائم بشرع الله تعالى، فالصيام: لعلكم تتقون، والصلاة: تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذه الشعائر روافد للمسلم لمزيد من التمسك بالعبادة بمعناها الشامل، وإلا فإنها لا تنفع صاحبها على الإطلاق.

هذا المفهوم الصحيح للعبادة أشار إليه سيدنا عمر الفاروق رضي الله تعالى عنه حين قال: لا تغرنكم صلاة امرئ ولا صيامه، ولكن أنظروا من إذا حدث صدق، وإذا اؤتمن أدى، وإذا أشفى ورع ، أي إذا أشرف على الدنيا وأقبلت عليه تورَّع عما لا يحل له منها، أو إذا هم بالمعصية تورع فلم يقع بها

وروى الإمام مالك في الموطأ أن رجلاً من جهينة يقال له: الأسيفع كان يسبق الحجاج، فيشتري الرواحل، فيغلي بها الثمن، ثم يسرع السير، فيسبق الحجاج، فأفلس، فرُفِعَ أمره إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فقال: أما بعد، أيها الناس، فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحجاج، فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بين الغرماء، ثم قال: *لا تغرنكم طنطنة الرجل بالليل يعني: صلاته في الليل، فإن الرجل كل الرجل، من أدى الأمانة إلى من ائتمنه، ومن سلم المسلمون من لسانه ويده.

وكلنا يعلم قصة من جاء يزكي رجلاً أتاه ليشهد على قضية، فقال له عمر: ائت بمن يعرفك، فجاء برجل، فقال له: هل تزكيه هل عرفته، قال: نعم، فقال عمر: وكيف عرفته؟، هل جاورته المجاورة التي تعرف بها مدخله ومخرجه؟، قال: لا، قال عمر: هل عاملته بالدينار والدرهم اللذين تعرف بها أمانة الرجال؟، قال: لا، قال: هل سافرت معه السفر الذي يكشف عن أخلاق الرجال؟ قال: لا، قال عمر: فلعلك رأيته في المسجد راكعاً ساجداً فجئت تزكيه؟؟، قال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال عمر: اذهب فأنت لا تعرفه، ويا رجل، ائتني برجل يعرفك، فهذا لا يعرفك.

BY 🌒دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق 🌘


Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 283

Share with your friend now:
tg-me.com/NaeemEreksosi/920

View MORE
Open in Telegram


دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Tata Power whose core business is to generate, transmit and distribute electricity has made no money to investors in the last one decade. That is a big blunder considering it is one of the largest power generation companies in the country. One of the reasons is the company's huge debt levels which stood at ₹43,559 crore at the end of March 2021 compared to the company’s market capitalisation of ₹44,447 crore.

Should You Buy Bitcoin?

In general, many financial experts support their clients’ desire to buy cryptocurrency, but they don’t recommend it unless clients express interest. “The biggest concern for us is if someone wants to invest in crypto and the investment they choose doesn’t do well, and then all of a sudden they can’t send their kids to college,” says Ian Harvey, a certified financial planner (CFP) in New York City. “Then it wasn’t worth the risk.” The speculative nature of cryptocurrency leads some planners to recommend it for clients’ “side” investments. “Some call it a Vegas account,” says Scott Hammel, a CFP in Dallas. “Let’s keep this away from our real long-term perspective, make sure it doesn’t become too large a portion of your portfolio.” In a very real sense, Bitcoin is like a single stock, and advisors wouldn’t recommend putting a sizable part of your portfolio into any one company. At most, planners suggest putting no more than 1% to 10% into Bitcoin if you’re passionate about it. “If it was one stock, you would never allocate any significant portion of your portfolio to it,” Hammel says.

دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق from ms


Telegram 🌒دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق 🌘
FROM USA